استراتيجيات التقاعد وخطط الادخار الضرورية: اكتشف كيف تصنع مستقبلك المالي بخطوات بسيطة!
الفارق العُمري الكبير بين الزوجين
ينتج عنه البُعد والجفاء، أم الحنان والاحتواء؟
تحقيق: هناء رشاد
مانشتات:
♦ سماح: الاحترام والحبُّ المتبادَل بين الطرَفين يُذيب الفوارق.
♦ استطلاع: خمس سنوات فارِق العمر لا زِيادة ولا نُقصان، وإلاَّ وقَع الطلاق.
♦ الشميري: لا يهمُّ السنُّ، فحينما يتوفَّر الحبُّ أراه تكاملاً.
♦ الوكيل: ليس مِن الإنصاف أن يَزُجَّ فتاةً تستقبل الحياة في أحضان شيْخ!
♦ الريس: في غياب الدِّين قد يؤدِّي بالزوجةِ إلى علاقاتٍ وانحرافات.
♦♦♦♦♦♦
حينما تزوَّج الرسول – صلَّى الله عليه وسلَّم – السيِّدةَ خديجة كانتْ تفوقه عمرًا، فكانت له السكنَ والرحمة، وحينما تزوَّج أمَّنا عائشة – رضي الله عنها – سيِّدة نِساء المسلمين كانتْ أصغرَ منه بكثيرٍ، فكانت له المودَّة والاحتواء في إشارة منه – صلَّى الله عليه وسلَّم – لتحقيق قواعدِ الزواج، كما أرادها الله بإقامةِ السكن والمودَّة والرحمة، فإذا توافرتِ الشُّروط الثلاثة كانتِ السعادة والاستقرار بغضِّ النظر عن الفارِق العمري بيْن الزوجين.
المُهم الخارِطة مع مَن؟ مَن يملك مفاتيح الآخَر؟ مَن يُقدِّر ويحترم، ويحتوي ويُصرُّ على الوصول إلى مرْسى سفينة تتلقَّفها الأمواج مِن كل جانب، سفينة الزواج.
وفي استطلاع للرأي أُجري على عددٍ كبير مِن العزَّاب والمتزوِّجين مِن الجنسين عن عددِ السنوات المناسبة؛ ليكون الفارق بين الزوجين لإنجاح الحياة الزوجية جاءتِ الإجابات في أغلبها:
مِن خمس إلى عشْر سنوات، فإذا زادتْ أو قلت حدثتِ المُشكلات التي قد تؤدِّي إلى الطلاق.
يرى نهار العوضي – مصوِّر تليفزيوني – أنَّ النجاح والاستمرار بيد الزوجة، وحسب رأيه فهي – الزوجة – قد وافقتْ على اختيار الزوج الأكبر عمرًا أو الأصغر، وعليها أن تتحمَّل تبعاتِ اختياراتها، وتُثبت للجميع أنَّها ناجِحة، فالزواج الناجِح يعني توافرَ إرادة الزوجة ورغْبتها في تحقيقِ السعادة.
♦♦♦♦♦♦
أما بلقيس الشميري – شاعرة – فتوضِّح قائلة:
عامل أساسي، التوافُق في الزواج شيءٌ مطلوب؛ حتى تسيرَ دفَّة الحياة بدون مشاكِل أو معوقات، فهناك مِن النساء مَن تتقبَّل الوضع وترْضخ للواقع مهما كانتْ درجة التفاوت والاختلاف، وهناك على النقيض مَن لا تستطيع السيرَ على المنظومة نفسها بعدَ فترة مِن الزمن، وبالنسبة لرأيي الشخصي أعتقد أنَّ السِّن عاملٌ أساسي في تقريبِ وجهات النظر بيْن الزوجين، خاصَّة في هذا العصْر، ولكن بالطبع أكيد هناك زِيجات ناجحة، فلكلِّ قاعدة شواذّ.
ويختلف معها حسين على؛ حيث يرى أنَّ:
الحكمة والتجرِبة هما الميزان، فيقول: السنُّ الكبير للزوج يَعني النضج، التجرِبة والحِكمة، فالمرأة دائمًا تفضِّل مَن يأخذ بيدها وتتكئ عليه، مَن يساندها ويحميها إلى جانبِ القُدرة المالية، والشباب هذه الأيَّام لا يعرف شيئًا عن مسؤولية البيت وهذه المعاني.
طارق عيسى – مستشار قانوني:
لا أعتقد أنْ ينجح مثلُ هذا الزواج، وأتوقَّع له الفشلَ؛ لأنَّه لا توجد فيه مؤهِّلات النجاح، وهي التوافُق في العقلية، وبالتالي ينعدم التفاهُم.
أحمد القطان:
فرق العمر المناسِب بالطبع أفضلُ لتلاقي الأفْكار والمشاعِر.
حمادة أباظة:
ديننا لا يعارض،مبدئيًّا دِيننا لا يعارض ذلك، لكن في العُرف قد يكون هناك نسبةُ فشَل بسبب اختلاف الفِكر والمتطلبات، وأرى حينما يكون الفرق خمسَ سنوات أعتقد أنه يكون فرقًا مناسبًا، لكن أولاً وأخيرًا يرجِع إنجاح الزواج مِن عدمه إلى ثقافة الزوجين، وعلى أيِّ أساس تم الاختيار، وعوامل أخرى كثيرة تتفاوت ضرورتُها وأهميتها مِن شخص لآخَر.
أي: إنَّ المسألةَ نِسبيَّة، ولكن على المقدِمين على هذه الخُطوة ألا يغفلوا تأثيرَ المجتمع ونظرته.
سناء جاد – إعلامية:
المال أو الستر،معظم الزِّيجات بهذا الشكل لا تُبنَى على التفاهُم، وغالبًا ما يلجأ الأهلُ لمِثل هذه الزيجات؛ طمعًا في المال أو الستر، وخاصَّة في المناطِق الفقيرة، وحتمًا تنتهي هذه الحالات بالطلاق وتشريد الأطفال، الذين يُصبحون عالةً وعبئًا على المجتمع.
سماح فؤاد – طالبة طب أسنان:
المُهم الاحترام، في حالات كثيرة يكون هناك فعلاً فجوةٌ بين زواج مَن هم بينهم فوارق عُمرية كبيرة، لكنِّي أعتقد أنَّه لو كان هناك تقديرٌ واحترام متبادَل بيْن الطرَفين تزول كلُّ الفوارق، فأنا أرى أنه ومع توافُر كلِّ هذه الأمور الهامة لنجاح الزواج إلى جانبِ الحبِّ يصبح هناك تكاملٌ في الفكر ممَّا يعني استمرارًا، وبالتالي يكون الاستقرار.
♦♦♦♦♦♦
ويُحلِّل لنا د/ سيد أحمد الوكيل أستاذ عِلم النفس المساعِد، ورئيس وحدة الخدمات النفسية بكلية التربية – جامعة الملك عبدالعزيز – هذه الحالةَ قائلاً:
التكافؤ شرْط، التكافؤ شرْط أساسي مِن شروط نجاح الزواج، كما أنَّ للمستوى والفرق العمري بيْن الزوجين دَورًا كبيرًا في سلامة الزواج وقوَّته، ويتوقَّف عليه مدَى نجاحه مِن عدمه، فللسِنِّ قيمة هامَّة في نجاح الزواج، فمِن خلاله يسهُل التفاعل بيْن الزوجين وفَهْم كلٍّ منهما للآخَر، وكمْ مِن زواج انتهى بالفشل؛ لأنَّ الزوجين لم يكن بينهما تكافؤ، ولم يتحقَّق التفاهُم والسَّكَن المُراد مِن الزواج.
والزواج في مجتمعاتنا العربية يتَّخذ ثلاثَ صور، مِن أهمها ما يلي:
أولاً: إذا كان الرجُل هو الأكبر سنًّا مِن الزوجة، وكان هذا الفارق العمري كبيرًا:
علاقة الوالد بابنتِه!
فذلك يؤدِّي لأنْ تكون العلاقة بينهما مثلَ علاقة الوالد بابنته، وتنشأ هُوَّة عميقة بيْن الزوجين، وكثيرًا ما تنتهي هذه الزِّيجات بالطلاق؛ بسببِ عدم القُدرة على التفاهم، فليس مِن الإنصاف أن يزجَّ الإنسان بفتاة في مقتبَل العمر ورَيعان الشباب تتمنَّى أن تبتسمَ لها الآمال، وتسْبَح برُوحها في عالَم الخيال، وكانتْ تأمل أن يسوقَ لها القدر مَن يشاركها آمالها، ويحقِّق لها السعادة، ليس مِن الإنصاف أن يزجَّ بهذه الفتاة بيْن أحضان شيخ لا ترَى منه إلاَّ خوارًا في قواه الجسديَّة والنفسيَّة، والاجتماعيَّة والعاطفيَّة.
فإذا تزوَّج رجلٌ كبير السِّن بفتاةٍ في العشرين مِن عمرها، فعلى كليهما معرفة خصائص المرحلة العُمرية عندَ الآخر؛ حتى يتمَّ التواصل بينهما، ويمد جسور التفاهُم مع هذا التبايُن الواضِح في العمر والخصائص.
فمِن صفات كِبار السن: وهو ما يُعاب عليه أنَّه لا يحتمل غيرَه، وتبدو عليه حالٌ عصبيَّة زائدة، أو اكتئاب نفْسي، ومنهم مَن يصاب بالأرَق، أو تضعُف ذاكرته، وتقلُّ بالتدريج قُدرته على الفهم والحرَكة، وبالطبع فهو يفضِّل دائمًا الجلوس في البيت، فتُعاني الزوجةُ بالطبع مِن الحرمان النفْسي والعاطفي، وهذا ما يؤدِّي في النهاية إلى التنافُر، وهذا مصيره بلا شكٍّ الطلاق والانفصال.
ليس دليلاً على النجاح:
والجدير بالإشارة أنَّ وجود بعضِ الزِّيجات التي حدثتْ بهذه الطريقة وكُتب لها النجاح، لا يُعدُّ دليلاً أو مؤشرًا على نجاح كلِّ الزيجات التي تتمُّ بين مُراهقة وبيْن شيخ مُسنٍّ؛ لأنَّ الأساس في الزواج هو التكافؤ، وأولى درجات التكافؤ هو التكافؤ في المستوى العُمري.
ثانيًا: المرأة أكبر من الرجل:
فقدْ يتحمَّس شابٌّ للزواج مِن امرأة تكبُره بعشر سنوات أو أكثر، فتُصبح علاقته الزوجيَّة مِثل علاقة الأمِّ بابنها، ويَدفع الشابَّ إلى الزواج مِن امرأة أكبر منه أسبابٌ، منها: أنها أنْضَج عقلاً وأوسع خِبرة، وأفضل سلوكًا، وأقوى شخصية، وأكثر استقرارًا وحنانًا، وقد تكون أكثرَ ثراءً! وقد يكون بمثابةِ ردِّ فِعل مِن هذا الشاب لفشَله في الارتباط بمَن أحبَّها، وهذا النوع مِن الزواج قد يَنجح وقد يفْشَل، وخاصَّة عندما تصِل المرأة إلى سنِّ انقطاع المحيض، وتقل الرغبة الجسديَّة عندها، وفي المقابل يكون الزوج عندَ قمَّة الهرم في الرغبة الجسديَّة.
ثالثاً: المرأة والرجل متقارِبان في السنِّ، وله مميزات كثيرة، منها:
ليس مِن المفضَّل الاختيار على أساس تساوي السنِّ بين الزوجين؛ لأنَّ الفتاة أسرع نضجًا من الفتى في العمر نفسه، وفي الوقت نفسه يكون الرجل أكثر شبابًا مِن المرأة في السنِّ المتأخِّرة (بعد إنجاب المرأة لأكثر مِن طفل ورعاية أسرتها)؛ أي: إنَّ الرجل في سنِّ الخمسين أكثر شبابًا من المرأة في السنِّ نفسه، وفارق السنِّ عند الزواج له أهميتُه؛ حتى يستطيع الرجلُ إدارةَ البيت بخبرته وحكمته، كما أنَّ فارق السن المناسِب يجعل المرأة تقدِّر زوجها أكثرَ، فهو يعطيها الحمايةَ وهي تعطيه الحنان والحب، فتسير السفينة بربَّان واحد ورفيق طريق متفاهِم، فينشأ الأطفال في أجواء طبيعية، إلى جانب عدَّة أسباب أخرى هامَّة، هي:
1- اختيار السِّنِّ المماثلة والمتقاربة دليلٌ على نُضج المجتمع ومسايرة العُرْف والعادات والتقاليد.
2- ظروف المعيشة الصعْبة وارتفاع المهور ونفقات الزواج يترتَّب عليه ضرورة حتمية، وهي مُشاركة الزوج لزوجته في النَّفَقات وفي المسؤولية.
3- عندَ تقارُب السنِّ بيْن الزوجين تتقارَب أفكارهما ونظرتهما للحياة ومطالِب الأُسرة، وتتَّحد آراؤهما في تربيةِ الأطفال وتقدير الأُمور.
4- لا يحدُث تفاوُتٌ كبير بيْن الزوجين في الأحلام والآمال والطموحات.
♦♦♦♦♦♦
وعن المشاكل التي تُقابلها في المحاكِم بسبب التفاوت الصارِخ في العمر بيْن الزوجين تقول المحامية أ/ وسمية الريس:
حفنة مِن المشكلات،نجد في المحاكم كثيرًا من المشاكل بسببِ هذا النوع مِن الزواج غير المتكافئ، والذي تُعاني فيه الزوجةُ الشابَّة مِن انقسام وانفصال عاطفي خطير بينها وبين زوجها، الذي عادة ما يكون تخطَّى السبعين، ومعظم هذه الزِّيجات تكون مِن خارج الكويت، ويقبل عليها الفتيات في سنِّ الرابعة عشر، وأحيانًا أقل مِن ذلك، وقد يتلاعَب الزوج أو الأهل في السنِّ؛ ليجعلوا عمرها مناسبًا لقانون الزواج الذي يسنُّ لزواج الفتاة 15 عامًا، وتقبل الفتاة في معظم الأحوال بضغط مِن الأهل طمعًا في المال والحياة المرفَّهة، فإذا بالفتاة تُفاجأ بما ينتظرها من غُربة ومعاملة غليظة مِن الزوج وزوجته الأولى وأبنائه، إن وُجدوا، وغَيرة تتعدَّى كل الخطوط الحمراء، فالزوج الكهل يرفُض أن يكون لها صداقات ممَّن هم في مِثل عمرها، ويرفض أن تخرُج بمفردها، فبالطبع بعدَ فترة ليستْ طويلة تختنق بهذه الحياة البعيدة كلَّ البُعد عما كانتْ تحلم به مِن الرفاهية والحنان والدلال، فتعود إلى بلادها مطلقةً بيدٍ فارغة بعدَ أن يجبرها الزوجُ على التنازُل عن حقوقها المادية، وقد تحمل بين يديها طفلاً لا ذنبَ له.
تعويضًا عن الأب والحِكمة،وتضيف الريس: أمَّا في حالات أخرى حينما تكون الفتاة قدْ تجاوزت العشرين تكون قدِ اختارت الزوج بإرادتها وتتوافَق مع حياتها الجديدة، وقد تجد في سنِّ الزوج الكبير تعويضًا لها عن أبٍ أو حِكمة فقدتْها، أو بديلاً عن حبٍّ لم يكتمل أو زواج لم يتم، وتعيش وترضَى بوضعها، وخاصَّة إذا كانت مِن بيئة متديِّنة، فيُعينها الصبر وحياة الستر التي لا تجدها كثيرٌ مِن الفتيات، وخاصَّة في هذا الزمن الذي أصبح الزواجُ حلمًا بعيد المنال.
♦♦♦♦♦♦
أما عن رأي الدين فيقول أ.د أحمد الحجي الكردي عضو هيئة الإفتاء – دولة الكويت.
شرط لزوم،ليس التكافؤ هو الزواج مِن القبيلة نفسِها، أو الجنسية نفسها، لكنالتكافؤ هو أن يكونَ الزوج مقاربًا للزوجة في المستوى العام الذي تعارَف الناس على التقاربِ فيه، الثقافي والاجتماعي والسن، والمال، والتكافؤ مطلوبٌ في الزواج؛ لتكون العلاقةُبينهما في المستقبل طيبةً وحَسَنة، وهو في البالغين شرطُ لزوم وليس شرطَصحَّة.
وللزوج أو الزوجة الخيارُ بحسب ظروفهما، وعليهما تقديرُ ذلك بدقَّة وعدم التهاون فيالتقدير؛ لأنَّ الفُرَص الجيِّدة قد لا تتعدَّد ولا تتكرَّر، وعليهما بصلاة الاستخارة، فبها يوجِّههما الله تعالى إلى ما فيه الخير – إنْ شاء الله تعالى – فهو وحْده علاَّم الغيوب، والله تعالى أعلم.