كيف تربي ابنا قاتلا

كيف تربي ابنًا قاتلًا؟

كيف تربي ابنًا قاتلًا؟ قصة صادمة في دولة عربية

 

في المدة الأخيرة، اجتاحت وسائل التواصل الاجتماعي قصةٌ واقعية صادمة، وقعت في دولة عربية مسلمة، بطل القصة ملحد شابٌّ، لم يتجاوز عمره ستة عشر عامًا، قام هذا الشاب بعرض مبلغ مالي طائل على رجل مقابل قتل أطفال، واستخراج أعضائهم الداخلية على البث المباشر! بالفعل، نفذ المجرم تلك الجريمة الشنيعة، وقبل أن يستلم المبلغ المطلوب، طلب منه الملحد تكرار الفعل مع طفل آخر، لكن مشيئة الله تعالى حالت دون تكرار هذه الفاجعة.

 

اعتناق الإلحاد في سن مبكرة:

ما يثير القلق؛ كيف يمكن لشابٍّ في هذا العمر المبكر أن يعتنق الإلحاد، ويصل إلى درجة من القسوة تدفعه لارتكاب مثل هذه الجرائم، خاصة وهو في بلد مسلم ومن أسرة مسلمة؟!

 

دور الوالدين والتكنولوجيا:

يبدو أن السبب الرئيس يكمن في الوالدين اللذين منحا الطفل جهازَ الهاتف الذكي المرتبط بالإنترنت في سن مبكرة، هذا الواقع ليس بعيدًا عن الكثير من الأُسَرِ؛ حيث يمتلك العديد من الأطفال هواتفَ ذكيةً في سن مبكرة، فيسرحون ويمرحون في مواقع وتطبيقات الإنترنت دون رقابة.

 

إن الأطفال لا يستطيعون التمييز بين الأفكار الصحيحة والخاطئة، وعند تسليمهم الهواتف الذكية، يتعرضون حتمًا لأفكار وشُبُهات يمكن بسهولة أن تلوِّث عقولهم وأفكارهم عبر قوالب جاذبة؛ مثل: الأفلام، والمسلسلات، ومقاطع الفيديو، والصور، والمقالات.

 

الأعذار الواهية:

يعتقد بعض أولياء الأمور أنهم إذا لم يُعطُوا أبناءهم الهواتفَ الذكية، فسيحصلون عليها من الآخرين، هذا العذر لا يرقى للنقاش؛ فالله يحاسب الإنسان على أفعاله، لا على أفعال الآخرين، كما أن امتلاك الطفل هاتفًا شخصيًّا يبقى معه اليوم كله، يختلف تمامًا عن استخدامه هاتفَ شخصٍ آخر لبضع دقائق.

 

قتل الإبداع:

دائمًا ما يدندن المتخصصون في الطفولة حول خطورة تسليم الهواتف الذكية للأطفال؛ حيث يحُدُّ من تطوير مهارات الطفل المتنوعة، لكن الأخطر من هذا؛ أنه يُفقِد الوالدين القدرةَ على الإبداع في التربية والتعليم.

 

فحينما يُمنح الطفل الهاتفَ لينشغل به عنهم، يفقد الآباء الحافزَ الأساسَ في توجيه الأطفال، وتنمية مهاراتهم، والذي يأتي بسبب ملل الأبناء من الفراغ، فيدفعهم ذلك إلى بناء برامج ومهارات يستغلون بها أوقات فراغهم.

 

ضعف شخصية بعض أولياء الأمور:

بعض أولياء الأمور ضعاف الشخصية يعترفون بأنهم لا يستطيعون مقاومة دموع أطفالهم، أو لا يريدون أن يشعر أطفالهم بأنهم أقل شأنًا من أقرانهم الذين يمتلكون أحدث الهواتف، يجب على هؤلاء الآباء أن يتذكروا أن الله تعالى قد جعل القوامة بأيديهم؛ حتى يحفظوا أبناءهم من كل شرٍّ قد يُصيبهم، لا أن تكون العاطفة هي التي تحدد قراراتهم دون عقولهم.

 

ومن الجميل هنا أن نذكر تجربة أحد الآباء، الذي منع أبناءه من استخدام الهواتف، ووجَّههم نحو مهارة القراءة، فاستغل الملل لدى أبنائه بعد منعِهم من الهواتف في توجيههم للقراءة، مما أسهم في تطوير معارفهم واهتماماتهم.

 

وأصبح يأخذهم دائمًا إلى المكتبات؛ ليختاروا ما يُحبُّون من عناوين الكتب، فأصبح هؤلاء الأبناء يتحدثون عن الكتب والمعارف مع أقرانهم وأقاربهم، بدلًا من الحديث عن الهواتف والاهتمامات السطحية.

 

 

تقنين استخدام الجوال:

علينا أن ننتبه إلى أن المشكلة في الهاتف الذكي المرتبط بالإنترنت، أما الهاتف غير الذكي، أو غير المرتبط بالإنترنت، فهو خارج محل النقاش.

 

ويرى بعض أولياء الأمور أن التقنين هو الحل الوسط، وهو أفضل من المنع المطلق؛ فيمكن تقنين استخدام الهاتف من خلال تقييد عدد الساعات التي يقضيها الابن أمام الهاتف، أو عدد التطبيقات التي يمكنه فتحُها، ومع أن هذا الحل له محل نظر، إلا أن الواقع يشهد بأن التقنين لا يكون إلا في البداية فقط ثم تنفرط الأمور، فليتنا ندرك أن الأبناء إذا كان الهاتف متاحًا بين أيديهم، فسوف يبدعون طرائق متنوعة تضمن لهم الحصول عليه أكبر وقت ممكن.

 

كما أن التقنين يجعل تعلُّقَ الابن بالهاتف أعلى، وترقُّبه له أكبر، كما يسبِّب الكثير من الصراعات بينه وبين والديه.

 

متى أعطي الهاتف الذكيَّ لأبنائي؟

إن تسليم الابن هاتفًا ذكيًّا مرتبطًا بالإنترنت ينبغي أن يكون بعد بلوغه، وإدراك الوالدين بأنه قد بلغ سن الرشد، بحيث يمكنه أن يفرِّق وقتها بين الغَثِّ والسمين، وبين المستغل والكاذب، والسيئ والحسن، أما أن يُعطَى هاتفًا ذكيًّا قبل رشده، فهذه جناية كبيرة على هذا الابن.

 

الخلاصة:

أعلم أن هذا القرار صعب، لكن علينا أن ندرك خطورة ترك الهواتف الذكية بين أيدي الأطفال دون رقابة، وأن نقف وقفات صارمة مع مثل هذه القصص البشعة وأمثالها كثير.

 

إن الوعيَ بخطورة هذه الأمور يمكن أن يحمي أبناءنا، ويُسهم في تنشئة جيلٍ سليمِ الفكر والعقيدة والسلوك.

Read Previous

أريد الهروب من البيت

Read Next

{أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى أمن يمشي سويا على صراط مستقيم}

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *