عبدوه وقاتلوا لأجله وتساوت قيمته بالملح .. كيف غيَّر الذهب تاريخ العالم؟ | اقتصاد

خلف الغابات والأنهار، في أرض لم تطأها أقدام الغرباء، وُجِدت مدينة من الذهب، تتلألأ طرقها وبيوتها ببريقه الآسر تحت أشعة الشمس. تتوسط ساحاتها مشاعل يطغى نور لهيبها على ضوء النهار، وينعكس على جسد ملك القبيلة المغطى بغبار الذهب من قمة رأسه إلى أخمص قدميه، ليتلألأ ببريق الآلهة الذهبي، بينما يستعد للغطس في مياه بحيرة جواتافيتا التي تقع في بوغوتا عاصمة كولومبيا الحالية.

المدينة هي إل دورادو El Dorado))، وتعني بالإسبانية المغطى بالذهب، وذُكِرَت للمرة الأولى في الملحمة الشعرية التي نظمها خوان دي كاستيلانوس ونشرها تحت عنوان “مراث رجال الإنديز الشرفاء” على أنها حكاية من عشرات الحكايات التي عاد بها الغزاة الإسبان الأوائل من رحلاتهم إلى العالم الجديد. وبالرغم من غياب أية أدلة قاطعة على وجودها، فقد أذكت أسطورة إل دورادو لهيب الطمع في خيال المستكشفين، دافعةً بهم إلى مغامرة وحشية في سبيل الذهب، كانت سببا غير مباشر في تغيير التاريخ ومضاعفة حجم خريطة الأرض، وامتد تأثيرها ليشمل الأنثروبولوجيا والاقتصاد والأفكار الدينية. وقد وصفها ماثيو هارت في كتابه “الذهب: التنافس على أكثر معادن العالم إغراء” بأنها “ابتلعت حضارة الأنكا بأكملها وتقيأتها في صورة مسكوكات نقدية”.

ولم يكن ذهب العالم الجديد وحده هو ما جذب أطماع الأوروبيين، فمن ناحية أخرى، سحرت الحكايات حول ذهب أفريقيا وكنوزها الأوروبيين، وتُوِّجَت هذه الحكايات برحلة حج الملك الأشرف مانسا موسى، إمبراطور مالي، في 1324.

طبقا لعدد من المؤرخين انطلق مانسا موسى مع حاشية ضخمة تُقدَّر بنحو 60 ألف رجل، وضمت قافلته 80 جملا يحمل كل منها ثلاثمئة رطل من الذهب. وخلال رحلته أجزل مانسا موسى في عطاياه حتى إن إنفاقه أدى إلى خفض قيمة الذهب، وفقا للمؤرخ تقي الدين المقريزي في كتابه “السلوك لمعرفة دول الملوك” إذ قال: “قدم منسا موسى، يُريد حج البيت الحرام وأقام تحت الأهرام ثلاثة أيام في الضيافة.. ونزل وأخرج ذهبًا كثيرًا في شراء ما يُريد من الجواري والثياب وغير ذلك حتى انحطَّ سعر الدينار ستَّة دراهم”.

تأثر سعر الذهب في المدن المحيطة بهذا الانخفاض، فكانت هذه المرة الأولى التي يتحكم فيها رجل واحد في سوق الذهب بحوض البحر المتوسط، وهو ما وصل إلى أوروبا بطبيعة الحال، ليلفت الأنظار إلى ذهب أفريقيا، بما يحيطه من أساطير حول الأشجار التي تنبت ذهبا في تلك البلاد البعيدة، تماما كما جذبت أسطورة إل دورادو أنظار المستكشفين إلى الأميركتين. وفي حين امتدت غزوات المستكشفين الإسبان ما يقرب من قرنين، كان وصول المستكشفين البرتغال إلى سواحل أفريقيا مجرد خطوة، تمخضت عن صراع طويل من القوى الاستعمارية والإمبريالية الجديدة استمر حتى القرن العشرين.

وخلف كل هذه الصراعات يقف الذهب، ذلك المعدن الأصفر البراق، الذي قدسه البشر قديما بوصفه معدنا سماويا مرتبطا بالآلهة، قبل أن يُظهِر وجها آخر محفزا للجشع البشري. فكيف جمع الذهب بين القيمتين، الروحية والمادية، وبين هذا وذاك، كيف شكّل تاريخ العالم وأعاد رسم خرائطه؟ وكيف ظل منذ فجر التاريخ وحتى يومنا أكثر العناصر صمودا في اختبار القيمة، بينما تضرب التقلبات الاقتصادية مختلف أرجاء الكوكب؟

ارتبط الذهب بالدين عبر الزمن، ويمكننا أن نرى مئات الأمثلة في مختلف الحضارات القديمة، حرص فيها الإنسان على دفن الذهب مع الموتى، وربما كان ذلك رمزا للخلود لأنه معدن غير قابل للتلف (بيكساباي)

الذهب معدن سماوي

لو عدنا إلى لحظة تشكّل الذهب لوجدنا أن أغلب الأبحاث الحديثة قد استقرت على وجود ذراته في غبار النظام الشمسي، والواقع أن العلماء يؤكدون الآن أن ذلك الغبار قد جاء زائرا لمحيط الشمس من انفجار نجمي أو تصادم لنجوم نيترونية كثيفة، وقع في محيط الشمس. ووفق التفسير العلمي، فإن أحداثا عنيفة من هذا النوع هي التي تُنتج الذهب الموجود في هذا الكون.

سافر الذهب إلى كوكب الأرض منذ مليارات السنين بعد اصطدامه بكويكبات تركت رواسب من المعادن التي استقرت في باطنه، إلا أن استقرار الذهب وغيره من المعادن في طبقة الوشاح(*) بدلا من نواة الكوكب ظل لغزا حير العلماء حتى العام الماضي فقط، حينما قدم العالمان جون كوريناجا، أستاذ علوم الأرض والكواكب في جامعة ييل وسيمون مارشي الباحث في معهد أبحاث الجنوب الغربي في كولورادو نظريتهما المنشورة في “وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم” حول وجود منطقة من طبقة الوشاح لها خصائص ديناميكية تحاصر المعادن المتساقطة بحيث يذوب الجزء الضحل من طبقة الوشاح ويبقى الجزء الأعمق صلبا.

ومن المثير للتأمل وجود أصداء قديمة في الفكر الإنساني حول الارتباط بين الذهب والشمس، التي كانت إلهة في العديد من الديانات القديمة. فنجد أن الذهب هو لحم ودم الإله “رع” الذي يرمز له المصريون القدماء بقرص الشمس، وبراز إلهة الشمس عند الأزتك، وعرق إنتي إله الشمس عند الإنكا، ولون أماتيراسو آلهة الشمس في الديانة الشنتوية اليابانية، وهو أبولو إله الشمس في عربته الذهبية عند الإغريق.

يبزغ هذا الارتباط على المستوى اللغوي كذلك؛ فإذا تأملنا رمز الذهب “Au” في الجدول الدوري وجدناه مشتقا من اسمه اللاتيني “Aurum” وتعني “أصفر”، وتشتق من اللفظ اليوناني القديم “aurora” أو الفجر المتوهج.

لكن كيف توصل البشر منذ آلاف السنين إلى هذا الربط بين الذهب والشمس، هل يعود الأمر فقط إلى خصائصه الفيزيائية، ولونه الأصفر البراق الذي يشبه أشعتها أم إلى قدرته على البقاء وتحدي الزمن مثل الشمس التي تشرق كل صباح منذ بدء الخليقة؟

سؤال لا تُعرَف إجابته الدقيقة، تماما كما لا يُعرَف تاريخ اكتشاف البشر الأول للذهب، لكن الدلائل تشير إلى كونه من أقدم المعادن التي اكتشفها البشر، ويبدو أن الندرة والجمال والصمود في وجه التلف كلها عوامل ربطته بمفاهيم القداسة والخلود، فارتبط في البداية بالطقوس الدينية، ومع تطور الحضارات تزين به الملوك، ورجال الدين، لإضفاء المصداقية على قداستهم، متشبهين بالآلهة التي استمدوا منها السلطة.

في سبعينيات القرن الماضي اكتشف عامل حفر في فارنا ببلغاريا مجموعة من القطع الذهبية صدفةً، واحتفظ بها في صندوق حذائه، حتى تمكن من تسليمها إلى السلطات، صدفة أفضت إلى اكتشاف سلسلة من المقابر تحوي أكثر من ثلاثة آلاف قطعة ذهبية يعود تاريخها إلى نحو 6500 عام قبل الميلاد؛ مما يجعلها أقدم القطع المصاغة من الذهب.

قضى علماء الآثار 15 عاما بعد هذه المصادفة لاستكشاف أكثر من ثلاثمئة مقبرة، لكن المثير للتأمل أن ثلاثة أرباع كمية هذا الذهب وُجدت في أربعة مقابر فقط؛ مما يعكس وعيا مبكرا بمفهوم الطبقات الاجتماعية، ويشير إلى قيمة الذهب الروحية والطقسية التي تجاوزت قيمته المادية، فقد فضل نبلاء فارنا اصطحاب ذهبهم معهم إلى العالم الآخر بدلا من توريثه لأبنائهم. هل يمكن أن نعتبر ذلك نوعا من الارتباط المبكر بين الذهب والرغبة في الامتلاك، أم أن قيمة الذهب الروحية آنذاك تجاوزت قيمته المادية التي أقرها الإنسان فيما بعد؟

لقد ارتبط الذهب بالدين عبر الزمن، ويمكننا أن نرى مئات الأمثلة في مختلف الحضارات القديمة، حرص فيها الإنسان على دفن الذهب مع الموتى، وربما كان ذلك رمزا للخلود لأنه معدن غير قابل للتلف، أو إشارة وتذكيرًا للآلهة في الحياة الأخرى بمكانة الميت في حياته الدنيا.

انتقل استخدام الذهب إلى الأديان السماوية، وهو ما يفسره من منظور عملي كل من ريبيكا زوراخ أستاذة تاريخ الفن في جامعة نورث وسترن الأميركية والسينمائي مايكل و. فيليبس في كتابهما “الذهب: الطبيعة والثقافة” بأنه عزز التجربة الدينية بصريا، ففي كنائس وكاتدرائيات العصور الوسطى على سبيل المثال عكست أوراق الذهب ضوء الشموع على الجدران والأسقف، وحول أيقونات القديسين؛ مما عمق الشعور بالروحانية والقداسة.

في الفن الإسلامي ورغم القيود التي شهدتها فنون التصوير، فقد بزغت جماليات فنون الخط، التي اتخذ فيها الذهب مكانته الرفيعة، ويعد المصحف الأزرق المكتوب في تونس في القرن الرابع الهجري مثالا بديعا على جماليات استخدام الذهب في التعبير الفني الإسلامي، وقد خُطَّت حروفه بالخط الكوفي المذهب على رق مصبوغ بالأزرق النيلي.

وبتطور فن التصوير الإسلامي ظهر استخدام الذهب في المنمنمات أيضا. فإذا زرنا المكتبة الفرنسية الوطنية في باريس، وتحديدا قاعة المجموعة الشرقية، فسنجد مخطوطة “معراج نامه” من القرن الـ15 الميلادي، وتحتوي على 57 لوحة مدهشة، تتناول رحلة المعراج، وموضوعات الجنة والنار والبعث من المنظور الإسلامي، مستخدمة الذهب في اللوحات بشكل بديع لتصوير أبواب الجنة، ورحلة النبي محمد صلى الله عليه وسلم إلى سدرة المنتهى.

صفحة من المصحف الأزرق
صفحة من المصحف الأزرق (مواقع التواصل)

من سلطة السماء إلى سلطة الأرض

وعلى الرغم من الارتباط المبكر بين الذهب والثروة والنفوذ، فإن تحوله إلى مقياس كمي للثروات لم يتبلور بوضوح قبل ابتكار العملات الذهبية، التي كانت محطة فاصلة في العلاقة بين البشر والذهب، انتقل بعدها إلى أيدي العامة بعد أن كان حكرا على الآلهة والملوك.

كانت المقايضة هي أقدم وسائل التبادل التجاري، لكن تطور المجتمعات البشرية أبرز الحاجة إلى طريقة أخرى لحفظ الثروة. في البداية استخدم البشر عناصر من بيئاتهم المحلية مثل الخرز، والريش، وقطع الزجاج البركاني، وهو ما تطور إلى ما يطلق عليه العلماء”Precoin” أو “ما قبل العملات”، التي صنعت في الغالب من المعادن، لكنها افتقرت إلى أهم ما ميز مفهوم العملة الذي استقر فيما بعد، وهو أن تُصدَّق بنقش معتمد من السلطة لاستخدامها نقودًا.

وكان التاريخ على موعد مع لحظة فاصلة، بظهور أول عملة ذهبية موحدة في مملكة ليديا بآسيا الصغرى (تركيا الحالية) قبل نحو 600 عام قبل الميلاد.

سرعان ما انتشر ابتكار العملات في العالم، فهي مصنوعة من معدن متفق على قيمته، ومصدقة بختم السلطات؛ مما منحها موثوقية سمحت بتوسع التبادل التجاري بين الحضارات المختلفة، وبمرور الوقت تطورت العملات المعدنية، وأدرك الملوك قيمتها؛ فأصبحت وسيلة دعائية لإثبات السلطة في الممالك البعيدة؛ فظهرت عليها صورة الحاكم. وقد استخدم العرب العملات البيزنطية والساسانية من الذهب والفضة قبل الإسلام، وورد ذكر الدرهم والدينار في القرآن الكريم، كما فرضت بهما الزكاة. وعُرِفت محاولات مبكرة لإضفاء الطابع الإسلامي عليها خلال عصر الخلافة الراشدة، عبر إضافة عبارات ذات صبغة إسلامية مثل الشهادتين. لكن أول نقود عربية خالصة تم سكها في عهد عبد الملك ابن مروان، ويظهر في الصورة الملحقة دينار أموي يحمل صورة للخليفة ممسكا بسيف.

الدينار الأموي (مواقع التواصل)

 

ومع توسع الدولة الإسلامية، حلت عملتها محل العملات البيزنطية وأصبحت عملة رئيسية معترفًا بها في مختلف أنحاء العالم، سواء في مناطق النفوذ الإسلامي، أو خارجها في أوروبا المسيحية.

الذهب يعيد تشكيل التاريخ.. والجغرافيا

في كتابه “الشرايين المفتوحة لأميركا الجنوبية” يروي إدواردو جاليانو كيف تسربل غزو الإسبان للعالم الجديد برداء الدين ودعم الكنيسة، بحجة نشر كلمة الرب وتوسعة ممالكه على الأرض، بينما ربض تحت رداء الدين الزائف الهدف الحقيقي، وهو الطمع في ذهب وكنوز العالم الجديد، ليصبح الذهب مفتاحا سحريا لكل من أبواب الجنة في السماء، وأبواب الرأسمالية على الأرض.

ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي تستخدم فيها السلطة الدين جسرا للوصول إلى الذهب، فعندما اعتنق قسطنطين المسيحية وجعلها دينًا رسميًّا، جرد المعابد الوثنية في جميع أنحاء الإمبراطورية من الذهب. وفي ثورة هنري الثامن على الكنيسة الكاثوليكية، -رغم أن دوافعها لم تكن مالية أصلًا- وجدت بعض مشكلات البلاد الاقتصادية حلا بعد مصادرة أملاك الكنائس والأديرة الكاثوليكية.

على أية حال لنعد إلى إسبانيا التي كان عام 1492 فاصلا في تاريخها وتاريخ العالم أجمع؛ فمن ناحية تمكن الإسبان من إخضاع غرناطة، بعد حرب استمرت سبع سنوات وأنهكت الخزانة الملكية. ومن ناحية أخرى كان ذلك هو العام الذي انطلقت فيه أولى رحلات كريستوفر كولومبس الاستكشافية، بدعم فرديناند وإيزابيلا ملكي إسبانيا. وفقا للمؤرخ بيتر برنشتاين في كتابه “سطوة الذهب: قصة استبداده بالقلوب والعقول” فقد اشتعل ظمأ أوروبا للذهب، بعد سلسلة من الكوارث الطبيعية والأوبئة التي أنشبت مخالبها في جسد القارة خلال القرن الرابع عشر، وقضت على أكثر من ثلث السكان، لتبدأ سلسلة من الغزوات الأوروبية لاستكشاف العالم الجديد، والسعي خلف كنوزه.

وبينما نظرت حضارات السكان الأصليين مثل الإنكا والأزتك إلى الذهب على أنه معدن ذو قيمة روحية طقسية، لم ير فيه الإسبان سوى نقود تنتظر صهرها. نهب الغزاة الإسبان كل ما وجدوه من القطع الذهبية البالغة الإتقان التي مثلت نتاج أكثر من أربعة قرون من الحضارة، وصهروها لتتحول إلى سبائك وعملات مدموغة بالشعار الملكي الإسباني، وكانت حجتهم المعلنة تدمير رموز الوثنية، لكنها حجة تخفي الجشع، والرغبة الاستعمارية في التدمير المتعمد للذاكرة الثقافية، وهي رغبة لا نزال نراها تتكرر في مختلف السياقات الاستعمارية حتى يومنا هذا.

لكن الاستعمار ونهب ثرواتهم وتدمير حضارتهم لم يكن أقسى ما واجهه السكان الأصليين، إذ فقد الملايين منهم حياتهم في سلسلة طويلة من حملات الإبادة الجماعية، والمذابح، والأمراض التي تعمد الغزاة إدخالها مثل الجدري (ولم يكن نظامهم المناعي مهيأً لمقاومتها)، كما نُقل الملايين إلى أوروبا للعمل عبيدًا.

من ناحية أخرى فرغم تدفق الذهب إلى إسبانيا بكميات هائلة، شهدت البلاد موجات من الركود وانخفاض الإنتاج وزيادة معدلات الاستهلاك، وحل التجار الأجانب محل المسلمين واليهود بعد طردهم، فتدفقت الأموال إلى الخارج، ووصل حجم الديون في عام 1543 إلى 65 بالمئة من العائدات ليصبح الإسبان كما وصفهم إدواردو جاليانو “أصحاب البقرة التي يشرب الآخرون حليبها”.

وبعيدا عن تأثيراتها الاقتصادية، أحدثت الحروب الأوروبية عددا لا يحصى من التأثيرات في التاريخ الإنساني. كانت سلسلة الكوارث التي واجهتها أوروبا خلال القرن الرابع عشر قد أشاعت فكرة اقتراب نهاية العالم، فإذا به يتضاعف مع اكتشاف قارة كاملة لم تذكر في الكتاب المقدس، لتبدأ موجات من تحرير الأفكار والعلم من سلطة الكنيسة. من ناحية أخرى وفقا لتوماس هيلاند إريكسن وفين سيفرت نيلسن في كتابهما “تاريخ الأنثروبولوجيا” فعلى الرغم من الالتباس الأخلاقي الكامن في نظرة الأوروبيين إلى مجتمعات السكان الأصليين، فإن اكتشافهم لوجود الآخر، والكتب التي تناولت هذه المجتمعات، كل ذلك يعتبر بذرة اتكأت على ميراثها الأنثروبولوجيا المعاصرة، رغم أنها لم تصبح فرعا أكاديميا قبل القرن التاسع عشر ولم تتخذ شكلها الحالي حتى القرن العشرين.

ويرى كارل ماركس في “رأس المال” أن اكتشاف الذهب في أميركا وما صاحبه من حملات الإبادة والعبودية، كلها عوامل تشير إلى بداية عصر الإنتاج الرأسمالي.

حمى الذهب

وبينما بوركت غزوات الإسبان بعباءة الدين، ودعمتها السيوف الملكية، ذهب المنقبون إلى كاليفورنيا أفرادا مسلحين فقط بروح المغامرة والشره المحموم للوصول إلى الذهب في إحدى أضخم موجات الهجرة الجماعية في التاريخ.

لم يكن ج. ولسون مارشال يعرف أنه على وشك تغيير التاريخ حين وجد ترسبات الذهب عام 1848 في مزرعة المهاجر السويسري جون سوتر في كاليفورنيا. حاول الرجلان التستر على الخبر، لكنه ذاع في مختلف أنحاء البلاد، ليتدفق مئات الآلاف من الحالمين بالثراء، ويرتفع عدد السكان من نحو 15 ألف نسمة إلى أكثر من 300 ألف بحلول عام 1852. وتتبدد أحلام سوتر المهاجر الطموح، تحت أقدام الحلم الأميركي الحديث، الذي وضعت “حمى الذهب” (Gold rush) أولى لبناته التاريخية.

لفهم التأثير الاقتصادي لحمى الذهب بلغة الأرقام يكفي أن نعرف أن كمية الذهب التي أنتجت على مدار 10 سنوات منذ اكتشاف الذهب في كاليفورنيا تعادل إنتاج جميع مصادر الذهب طوال أكثر من ثلاثة قرون ونصف حتى عام 1848. ولم يقتصر الأمر على الأثر الاقتصادي، فجذور ثورة وسائل النقل والاتصال الحديثة تعود في أصلها إلى هذه المرحلة حيث أدت الحاجة إلى سرعة الوصول إلى مصادر الذهب إلى زيادة طول خطوط السكك الحديد من 9 آلاف ميل عام 1850 إلى أكثر من30 ألفا خلال 10 سنوات، كما امتدت خطوط التلغراف لتربط الولايات المتحدة بأكملها، وتحولت العديد من المدن الصغيرة البدائية إلى مدن كبرى.

وفي هذه المرحلة تكرست ثقافة ريادة الأعمال، وتبلور مفهوم الحلم الأميركي القائم على الثراء الفردي السريع الذي لم يكن من نصيب المنقبين عن الذهب فقط، بل على العكس، تمكن بعض مَن لم يمس تراب المناجم أرديتهم الأنيقة من اقتناص الفرصة، وأبرزهم رائد الأعمال صموئيل برانان الذي علم مبكرا اكتشاف الذهب فسارع إلى شراء أدوات التعدين بأسعار بخسة، ثم تدفق المنقبون لشرائها منه بأضعاف ثمنها. لقد امتد تأثير ذهب كاليفورنيا بعيدا، حتى إلى خزائن ملابسنا، فإلى هذه الفترة يعود سروال الجينز الذي يملكه أغلبنا، وقد ابتكره ليفي شتراوس مع شريكه جاكوب ديفيس عند ملاحظة حاجة المنقبين إلى سراويل متينة تتحمل مشاق العمل في المناجم.

وتسمح النظرة النفسية الاجتماعية إلى هذه الظاهرة بتسليط الضوء على العلاقة بين البشر وفرص الثراء، بما يحيطها من مشاعر متضاربة بين الأمل والمجازفة التي تصل إلى الهوس، وقد أسكر الوعد بالثروة والتحرر من النظام الاجتماعي القائم مئات الآلاف، ممن تخلوا عن حياتهم المهنية والعائلية المستقرة، ورحلوا إلى كاليفورنيا آملين بداية جديدة، حتى بعد أن تضاءلت فرص الثراء هناك بمرور الوقت.

وتشكل حمى الذهب ظاهرة رأسمالية، تصلح نموذجًا قابلًا للتعميم في سياقات أخرى، وقد استغلتها الكثير من الكيانات التسويقية والتجارية. واليوم يستخدم مصطلح “حمى الذهب” في مجال الأعمال، والأسواق الناشئة استعارةً لوصف النشاط المحيط بفرصة أو سوق جديد، وما يميزه من تدفق مفاجئ للاستثمار والمنافسة لتحقيق مكاسب سريعة، مع كل ما يحيط بالنمو السريع من أخطار. ومن أشهر الأمثلة الحديثة على ذلك الاندفاع إلى سوق التجارة الإلكترونية في التسعينيات، وكذلك سوق العملات المشفرة اليوم.

لكن رغم كل شيء يبدو أن الذهب يحمل دائما لعنة يخفيها بريقه الحالم، فلا يمكن تجاهل التأثير المدمر لحمى الذهب بكاليفورنيا، في المجتمعات الأصلية من إبادة لهم، وعلى البيئة حيث خلفت عمليات التعدين الهيدروليكي ومخلفات الزئبق السامة إرثا ثقيلا على عاتق البيئة لا يزال أثره حاضرا حتى اليوم.

 

 

تطرح نظرتنا إلى الذهب بوصفه معدنا ثمينا، سؤالا فلسفيا حول القيمة، هل تُستمد من جوهر العنصر أم تقترن بما تواضعت عليه المجتمعات، وهو تساؤل يمكننا طرحه بقوة عند النظر إلى تاريخ الذهب في أفريقيا التي منح أهلها الذهب للتجار في مقابل سلعة ربما نراها اليوم من بين أدنى السلع قيمة وثمنا هي الملح!

فقد كان التجار العرب والأوروبيون يقايضون السكان الأصليين لممالك غرب إفريقيا الملح بالذهب، وكان الملح المستخدم في حفظ الطعام نادرا في أفريقيا حتى إن أونصة منه كانت تساوي أونصة من الذهب أو أكثر في بعض الأحيان كما يذكر المؤرخ بيتر برنشتاين.

ويبزغ سؤال القيمة بصورة خاصة عند النظر إلى المفارقة المؤلمة المتعلقة بالذهب في أفريقيا، فعلى الرغم من وجود أكثر من 42 بالمئة من احتياطي الذهب المعروف في العالم بأفريقيا فإن ذلك لا ينعكس على مستويات النمو الاقتصادي والتنمية والحياة اليومية لغالبية السكان. وهو ما أطلقت عليه إينسلي إبرا الباحثة الاقتصادية في جامعة سيدني في كتابها “إدارة تعدين الذهب في أفريقيا” مصطلح: لعنة الموارد.

داعب ذهب أفريقيا خيال أوروبا، مغازلا أحلام الثروات عبر حكايات تجار الملح، وأخبار رحلة مانسا موسى وغيرها من الحكايات، وبدأت محاولات القوى الاستعمارية للتحكم في ثروات أفريقيا منذ وصول الغزاة البرتغال إلى سواحلها عام 1471، ورغم انتهاء الاستعمار بشكله التقليدي فلا تزال أفريقيا مسرحا لصراعات دامية تهدف للسيطرة على ثرواتها.

الخيمياء هل حولت التراب إلى ذهب؟

وهكذا دفع الذهب بالبشر إلى الهجرة من قارة إلى أخرى، وأشعل الحروب والأهوال، لكن هناك من طمحوا إلى تحويل التراب إلى ذهب وهم جالسون خلف جدرانهم الهادئة. ورغم عدم تحقق طموحاتهم المستحيلة، فقد خلفوا لنا إرثا يمثِّل اللبنات التأسيسية لعلم الكيمياء الحديث.

ترجع جذور الانشغال بتحويل المعادن إلى ذهب أو ما يُعرف بـ”الخيمياء” إلى الفراعنة، لكن لم يصل إلينا أيّ من نصوصهم، إذ أحرقها الإمبراطور دقلديانوس، خوفا من أن تُستخدم لتمويل التمردات ضده. ويرجع تاريخ أقدم النصوص الخيميائية التي وصلت إلينا إلى نحو 300 عام فقط قبل الميلاد، أثناء الحكم اليوناني لمصر. وقد ظل تأثيرها محدودا حتى وصل الفتح الإسلامي إلى مصر، لتبدأ حركة ترجمة العلوم إلى العربية، وهو ما كان إيذانا بعصر جديد للخيمياء، تحولت فيه إلى علم تجريبي قابل للقياس على أيدي مجموعة من علماء المسلمين أبرزهم (جابر بن حيان). وفي كتابه “قصة الحضارة” يرى ويل ديورانت أن المسلمين هم من ابتدع الكيمياء، إذ ظلت النصوص اليونانية مجرد فرضيات مبهمة، بينما اعتمد المسلمون على الملاحظة والتجريب.

ربما لم يتمكن الخيميائيون المسلمون من صنع الذهب، لكنهم تمكنوا عبر تجاربهم من ابتكار عدد من العمليات الكيميائية أبرزها التقطير والترشيح والتنقية، وصناعة مركبات مثل حمض النتريك والهيدروكلوريك، واكتشاف الزرنيخ، وتصنيف الكبريت والزئبق عناصرَ كيميائية.

وكما اعتدناه، يجمع الذهب بين قيم متضادة، الشره الذي لا يهدأ لتحويل التراب إلى ثروة، والرغبة في الاتصال بالجانب الروحاني والإيماني. وهكذا كانت الخيمياء تحمل في خطابها مستويين، أحدهما يتعلق بتحويل المعادن الخسيسة إلى ذهب والآخر يرتبط بترقي النفس الإنسانية. وهو ما يوضحه الباحث المغربي محمد البوغالي في دراسة بعنوان “الخيمياء: جذورها الفلسفية وتأويلاتها الصوفية” أشارت إلى أن العديد من النصوص الخيميائية لا يمكن فصلها عن كونها شروحًا صوفية، تبرز فيها تحولات المعادن كاستعارة عن ترقي الإنسان، فإن كانت النار تنقي المعادن من شوائبها، فالنفس البشرية تترقى وتتطهر عبر العبادات وأعمال الشريعة.

الذهب بين علم النفس والطب والتكنولوجيا

ومن منطلق هذا الخطاب الاستعاري امتد تأثير الخيمياء إلى مجال آخر قد يبدو بعيدا عند النظرة الأولى وهو علم النفس. فعلى خلاف فرويد آمن عالم النفس كارل يونج بأن الخبرة الروحية هي الجوهر الأساسي للوجود الإنساني، وهو ما دفعه إلى استكشاف الثقافات البعيدة عن الثقافة الأوروبية المهيمنة، ليجد في الخيمياء ضالته، كأسلوب تصويري محكم يمثل العلاقة بين الوعي واللاوعي. وكان نتاج هذه المرحلة كتابه “علم النفس والخيمياء” الصادر عام 1944. وفيه حلل رموز الخيمياء وربطها بمراحل تحول الشخصية؛ فرأى أن التحولات الخيميائية تصلح كاستعارة لمراحل تحول الوعي واللاوعي ودمجها(31). وطبقا ليونج يحتاج الإنسان إلى 4 عناصر يرمز لها بالعناصر الخيمائية الأربعة وهي الحدس “النار”، والفكر “الهواء”، والشعور “الماء”، والإحساس “الأرض”.

وإذا كان إكسير الخلود مجرد استعارة عن النمو النفسي عند يونج فهو يتجاوز هذا النطاق في الاستخدامات الطبية للذهب، الذي صار يؤدي دورا واعدا في علاج وتشخيص السرطان، وهو ما توضحه دراسة حديثة نشرت خلال العام السابق 2023 في “molecular-cancer” وأشادت بالدور الرائد لجسيمات الذهب النانوية “gold nanoparticles ” في علاجات السرطان المهندسة بيولوجيا bioengineered cancer” therapy ” نظرا إلى الخصائص التي تتفاعل بها مع الضوء والحرارة.

كما أصبح الذهب عصبا رئيسيا في العديد من صناعات التكنولوجيا، فهو على عكس المعادن الأخرى العالية التوصيل لا يتآكل، ويسهل تشكيله إلى أسلاك ورقائق في غاية الدقة؛ مما يجعله مكونا مثاليا في صناعة الهواتف النقالة، والسيارات، وأجهزة الحاسوب، والخلايا الكهروضوئية. وفي مجال علوم الفضاء يستخدم في تغطية بدلات رواد الفضاء لحمايتهم من الأشعة الضارة تحت الحمراء. وهي التقنية ذاتها المستخدمة في تصميم تلسكوب جيمس ويب، المجهز بـ18 مرآة سداسية مغطاة بطبقة من الذهب يبلغ سمكها 100 نانومتر.

ورغم تخطي العلوم الحديثة لأوهام الخيمياء، لم تخفت الرغبة في صناعة الذهب وإن اختلفت آلياتها. في 1941 تمكن العلماء من إنتاج النظائر المشعة للذهب بواسطة القصف النيوتروني للزئبق. كما حوَّل السوفييت تدريع الرصاص في أحد المفاعلات النووية إلى ذهب (عن طريق الخطأ) سنة 1972. وفي عام 1980 تمكنت مجموعة بحثية في مختبر لورانس بيركلي، بقيادة الكيميائي الحائز جائزة نوبل جلين سيبورج من تحويل البزموت إلى النظير الوحيد المستقر للذهب، من خلال الاصطدام النووي.

قد تبدو هذه النجاحات مثيرة لخيالات الثراء السريع، لكن أيا منها لم يجد صدى كافيا نظرا لارتفاع تكلفتها مقارنة مع كميات الذهب الضئيلة التي تنتجها، كما أن معظم الذهب الناتج عنها كان مشعا؛ مما يجعله غير قابل للاستعمال، وقد يتعرض للاضمحلال الإشعاعي في غضون أيام.

 

الذهب من المال وإليه يعود

ورغم كل أدواره المعقدة في صناعات الطب والتكنولوجيا، لا يزال الذهب يحافظ على دوره الأساسي وهو كونه وسيلة لحفظ قيمة المال، سواء كان في صورة قرط في أذن فلاحة في قرية، أو سبيكة صغيرة يشتريها طالب صيني لحفظ مدخراته، أو عدد لا يحصى من السبائك الضخمة في خزينة دولة تسعى للسيطرة على استقرارها الاقتصادي.

بنهاية عام 2023 وصل إجمالي الطلب على الذهب إلى 4899 طن، وهو أعلى معدلاته على الإطلاق وفقا لتقرير مجلس الذهب العالمي الصادر في بداية العام الجاري. وقفزت أسعاره إلى مستويات غير مسبوقة، وتعتبر الصين -التي هي أكبر مستهلك للذهب- في صدارة أسباب هذه القفزة. فقد ارتفع طلب المجوهرات في الصين بنسبة 10% والسبائك والعملات الذهبية بنسبة 28%، مما يعكس أزمة قطاع العقارات وسوق الأسهم وضعف العملة، وكلها عوامل دفعت بالأفراد إلى اللجوء إلى الذهب لكونه ملاذًا آمنًا.

لكن الأمر لم يقتصر على سلوكيات الأفراد والمستثمرين فقط، إذ سعت الحكومة الصينية لزيادة احتياطياتها من الذهب في موجة شراء امتدت أكثر من 17 شهرا، سعيًا للتخلص من هيمنة الدولار الأميركي وتجنبًا لأي عقوبات مستقبلية من الولايات المتحدة، إذ لا يزال الذهب لاعبا أساسيا في لعبة الثروة، بالرغم من أنه لم يعد معيارا للعملة وهو الدور الذي مارسه سابقا فيما عرف بـ”نظام معيار الذهب”.

قام “معيار الذهب” على اتفاقية تلزم الدول بأن يقابل عرض العملة الوطنية احتياطي من الذهب يحدد كمية النقد المتداول. وكانت إنجلترا أول من اعتمد “معيار الذهب” عام 1821، لتتبعها أغلب الدول العظمى، وتستقر الثقة بين العملات المختلفة؛ مما شجع التجارة الدولية وأدى إلى حالة من التوازن الاقتصادي، لكن الاستقرار لم يدم طويلا، فقد عانت الدول المرتبطة بمعيار الذهب من تراكم الديون واستهلاك مواردها المالية، وظهرت الحاجة إلى نظام أكثر مرونة بعد الحرب العالمية الأولى، لتعلق إنجلترا العمل بمعيار الذهب عام 1931.

وفي عام 1934 أعادت الولايات المتحدة الأميركية تقييم الذهب من 20.67 إلى 35 دولارًا بهدف تحسين اقتصادها، فتسارعت عمليات استبدال الدولار الأميركي بالذهب، الذي تدفق إلى خزائن الدولة. وفي عام 1944 نتيجة لعدم قدرة معظم الدول العظمى على تغطية عملاتها بالذهب، أنشأت اتفاقية “بريتون وودز” لتقييم عملات الدول الأعضاء في صندوق النقد الدولي بالدولار الأميركي ليصبح العملة المسيطرة في الاحتياطيات العالمية، مع تحديد قيمته بسعر 35 دولارا لأونصة الذهب.

وجاءت حرب فيتنام وما تلاها من أحداث، فاستنزفت احتياطي الذهب في الولايات المتحدة الأميركية، ليعلن الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون إنهاء العمل باتفاقية بريتون وودز من جانب واحد. وهكذا انقطعت عرى الرباط المقدس بين الذهب والعملة، وأصبحت قيمة العملات ترتبط بثقة الناس في الحكومات؛ مما أدى إلى مرونة أكبر في إدارة الاقتصاد والتحكم في المعروض النقدي وتحديد أسعار الفائدة وغيرها من السياسات الاقتصادية(53).

ورغم أنه لم يعد معيارا للعملة، فلا يزال الذهب مؤشرا على قوة الاقتصاد، وأصلا أساسيا للبنوك المركزية والدول. وكما قال الكاتب جورج برنارد شو “إذا كان على المرء الاختيار بين الثقة في استقرار الذهب الطبيعي والثقة في أمانة وذكاء أعضاء الحكومة -مع احترامي لهؤلاء- ما دام النظام الرأسمالي قائما، فأنصح بالتصويت لصالح الذهب”.

وهكذا عبر رحلة طويلة انتقل الذهب من سلام المعابد إلى بريق المال، فغيَّر التاريخ ودفع بمساحات الخرائط الجغرافية إلى نطاقات أكثر اتساعا، وأدى أدوارا متنوعة في مختلف جوانب الطب والعلوم والفنون، ولا يزال الأصفر البراق قادرا على الصمود في وجه الزمن. ولِمَ لا، وهو المعدن الذي لا يبلى؟ يمكنني أن أتخيل الخاتم الذهبي الملتف حول إصبعي، جزءًا من مشكاة ذهبية في قصر خليفة عباسي، أو درهمًا يتنقل بين أكف التجار الرومان، أو حتى ذرات صغيرة تسبح في الفضاء تحت ألق الشمس.

————————————

هوامش:

(*) وشاح الأرض: الطبقة التي تقع أسفل القشرة الأرضية ويبلغ سمكها حوالي 2885 كيلومترا.

Read Previous

“التحقق من الوصول”.. كيف تطمئن على أهلك بتتبع آيفون؟ | تكنولوجيا

Read Next

احفظ مستنداتك بلمسة.. هل جربت هذه الميزة الخفية في آيفون؟ | تكنولوجيا

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *