استراتيجيات التقاعد وخطط الادخار الضرورية: اكتشف كيف تصنع مستقبلك المالي بخطوات بسيطة!
مر أكثر من 40 عاماً على آخر مرة عاشت فيها بوليفيا حالة من القلق من أن تقوم القوات المسلحة بالسيطرة على السلطة في البلاد.
فقد حكم البلاد أنظمة عسكرية بشكل متواصل تقريبا منذ 1964 وحتى 1982، ولكنها تحولت إلى الديمقراطية منذ ذلك الحين.
وقد أعاد اقتحام الجنرال خوان خوسيه زونيغا القصر الرئاسي في لاباز ذكريات تلك الحقبة السوداء.
ولكن حتى بعد اعتقال الجنرال، لا تزال الشكوك تحوم حول مدى صدقية هذه المحاولة الانقلابية.
فالجنرال زونيغا نفسه أبلغ الصحفيين بأن الجيش هو من أخرج مسرحية التدخل بطلب من الرئيس لويس آرسي، المتورط في صراع فكري مع أحد أسلافه أوصل الحكومة البوليفية إلى طريق مسدود.
ووفقاً لتلك القراءة للأحداث، فإن احتمال الانقلاب أتاح للرئيس الظهور بمظهر المدافع عن الديمقراطية ومنحه دفعة في شعبيته كان بأمس الحاجة إليها.
وهي رؤية أُخذت على محمل الجد من قبل المحلل السياسي البوليفي كارلوس تورانزو، الذي قال لخدمة بي بي سي موندو: “لا يوجد وضوح كاف الآن حول ما إذا كانت تلك محاولة انقلابية أم هي مشهد مسرحي دبر، بشكل واضح، من قبل الحكومة نفسها.”
وقال تورانزو إن الانتفاضة كانت “عملاً فرديا” من قبل الجنرال زونيغا.
وأضاف “لم تكن هناك حركة للجيش في جميع الأقسام أو في المناطق الأخرى من لاباز. وبالتالي فإن ذلك لم يكن تحركاً مؤسساتياً للقوات المسلحة.”
وفي نهار الخميس، بعد يوم من نشر الجنود في ميدان موريللو بالعاصمة لاباز في محاولة لدخول مبان حكومية، عرضت السلطات 17 شخصاً قالت إنهم متورطون في محاولة الانقلاب.
ووفقاً للوزير في الحكومة البوليفية إدواردو ديل كاستليو، فإن تحقيقاً للشرطة توصل إلى أن التخطيط للانقلاب بداً في شهر مايو/ أيار.
ورفض أحد المدبرين المدنيين المزعومين للانقلاب ويدعى أنيبال أغيلار غوميز تلك الاتهامات، معلناً إضرابه عن الطعام.
وكان مفهوم الانقلاب الذاتي جزءاً من القاموس السياسي في أمريكا اللاتينية منذ زمن بعيد.
وتتغير الظروف دائماً، لكن المصطلح يشير إلى رئيس حالي يسعى إلى الاستحواذ على صلاحيات استثنائية وغير شرعية، لشعوره بالإحباط من القيود الديمقراطية المعتادة.
والآن هذا المصطلح يتم تداوله مرة أخرى. لكن وسواء أكان ذلك صحيحاً أم لا في هذه الحالة، فإن السؤال هو كيف وصلت الأمور إلى هذه الدرجة من السوء؟
حسناً، تعود الحكاية كلها إلى لحظة فاصلة في التاريخ الحديث لبوليفيا وهي الانتخابات الرئاسية في 2005، عندما تولى رئيس اتحاد مزارعي الكاكاو، إيفو موراليس، زمام السلطة في البلاد.
حتى ذلك الوقت، كانت البلاد محكومة من جانب نخبة منحدرة من نسل المستعمرين الأوروبيين، وذلك في جانب كبير منه على حساب الغالبية من سكان البلاد الأصليين. لكن للأسف، لم يتحقق التحسن الذي توقعوه في أحوالهم نتيجة لانتخاب موراليس.
وتقول مونيكا ديبولي، وهي باحثة بارزة في معهد بيترسون للاقتصاد الدولي في واشنطن، لبي بي سي: “كانت هناك لحظات في رئاسة إيفو موراليس بدت فيها بوليفيا مهيئة لانطلاقة حقيقية.”
وتحرك موراليس بشكل حاسم لإعادة تشكيل بوليفيا، حيث قام بتأميم حقول الغاز الضخمة في البلاد.
وخدم موراليس فترتين رئاسيتين، كان خلالهما سعر الغاز الطبيعي، وهو عصب الاقتصاد في البلاد، مزدهراً. وهذا جذب الاستثمارت وبخاصة من الصين.
لكن الأسعار العالمية لهذه السلعة انخفضت، ما أدى إلى ما تصفه مونيكا ديبولي بـ “أزمة بطيئة الحركة في ميزان المدفوعات” والتي وصلت الآن إلى “منعطف حرج”.
لم ينضب الغاز في بوليفيا، لكن صناعة الغاز تراجعت لأن الحكومات المتعاقبة لم تتمكن من الاستثمار فيها.
ونتيجة لذلك، انخفضت صادرات الغاز الطبيعي، ما أدى إلى استنزاف احتياطي البلاد من النقد الأجنبي، بينما ارتفع التضخم ارتفاعاً كبيراً.
وفي 2019، خاض موراليس الانتخابات لفترة رئاسية ثالثة، في تحد للدستور، وأعيد انتخابه كما كان متوقعا. لكنه استقال في غضون أسابيع، وغادر البلاد بعد احتجاجات شعبية خرجت في الشوارع عقب الانتخابات وبعد مطالبة قائد الجيش له بترك منصبه.
وتولت السلطة في البلاد حكومة انتقالية، في حركة أدانها أنصار موراليس باعتبارها انقلاباً. ولكن السنة التالية شهدت عودة حزبه اليساري، الحركة من أجل الاشتراكية، إلى السلطة، وفي هذه المرة تحت قيادة الرئيس آرسي.
الآن، ومع تحديد الموعد المقرر لإجراء الانتخابات الرئاسية القادمة في 2025، عاد موراليس إلى بوليفيا وهو مصمم على الترشح للرئاسة مرة أخرى، وهو ما يجعله منافساً سياسياً قوياً للرئيس الحالي آرسي.
وتقول مونيكا ديبولي إن “الصراع على السلطة بين الاثنين يعيق قدرة الحكومة على القيام بأعمال تجعل الوضع أحسن قليلاً بالنسبة للسكان بوجه عام.”
وهذا يعني أن الداعمين الرئيسيين لحزب الحركة من أجل الاشتراكية هم الأكثر تضرراً من حالة الشلل في البلاد- وأن خصوم الحزب من اليمينيين لديهم الفرصة للنيل من المشروع السياسي لليسار برمته.
لقد تراجع الخطر على الديمقراطية البوليفية، في الوقت الراهن- ولكن لا توجد نهاية في المدى المنظور للاضطراب الاقتصادي في البلاد.